ترتسم على قسمات وجوههم تعاريج نهر النيل الذى يعيشون إلى جواره، وتعلموا من سريانه منذ آلاف السنين الصبر، فانعكس على سلوكهم، ووجوههم المرحبة دوماً.
ينتظرون مراكب السائحين تأتى إليهم عبر النهر محملةً بالرزق، فيهرعون إليها نساءً، وأطفالاً، ورجالاً، يبيعون لهم ما لديهم من منتجات، ذاعت شهرتها فى العالم عبر السياحة، ويمنحونهم فرصة للتمتع بأجواء نوبية طالما كثر الحديث عنها.
ويفرحون بزيارة قد تحمل تصوير فيلم مثل «مافيا» ليشاهدهم المصريون الذين لا يعرفون عنهم شيئاً، سوى أنهم من فصيلة «بكار» تلك الشخصية الكرتونية الشهيرة، أو زيارة فريق برنامج تليفزيونى، مثل «البيت بيتك» يمنحهم مقدمه الشهير، محمود سعد، فرصة استعراض ما لديهم، خلال فترة وجيزة، تظل بالنسبة لهم، ذكرى يفتخرون بها ويتحدثون عنها لمن يأتى لزيارتهم مرة أخرى.
هؤلاء هم سكان النوبة فى منطقة «غرب سهيل» التى تقع على بعد كيلومترات قليلة، يمين خزان أسوان، ويعرفون بين أهل النوبة بأنهم من «الكنوز» أو «الماتوكيين» الذين لا يختلفون كثيراً عن بقية أهل النوبة من «الفاجيكة»، إلا فى بعض تفاصيل اللغة النوبية.
الوصول إلى غرب سهيل، ليس بالأمر الصعب، فهى على بعد دقائق من قلب أسوان، يصعد بك الطريق بعد الدوران يمين خزان أسوان فى طريق غير ممهد، تحفه من الجانبين منازل نوبية بسيطة التفاصيل، مختلفة المساحة، تم بناء أغلبها بالطين، ورُشت حيطانها بالجير الأبيض، المزين برسومات، ونقوش نوبية، وما بين المسافات بين المنازل، تتبدى لك صورة النيل فى منظر بديع، ويصل إلى أذنيك وأنت تتابع رحلتك صوت الموسيقى النوبية هادئاً كهدوء البيئة المحيطة بك، شجياً كنظرات أهلها الممزوجة بحزن لا تفهم سببه.
بنيت البيوت فى غرب سهيل، على تل مرتفع عن شاطئ النيل بنحو ١٠ أمتار، ليكون الصعود من الشاطئ إلى الأرض عبر سلالم صخرية حًُفرت فى تكوين التل الطينى، وبأعلى التل تختلط المنازل بمحال بيع الهدايا التذكارية والتحف النوبية، والمنتجات التى تشتهر بها أسوان، كالفول السودانى المحمص على أشعة الشمس، والكركديه، والحناء.
ليس هذا فحسب ولكنك ستجد بعض البيوت انشطرت نصفين من الداخل، جزء منها تم إعداده كمكان لاستقبال السائحين بعد تزويده بالزخارف والمنتجات النوبية، مع توفير مكان لجلوسهم على هيئة المجالس فى البيوت النوبية.
ويقدم للسائحين فى تلك البيوت ما يتمنون الحصول عليه من شيشة، ومشروبات محلية وبعض العصائر، ليكون مقهى بالمعنى الكامل للكلمة، بينما يبقى الجزء الثانى من تلك المنازل، سكناً لأصحابها يعيشون فيه.
العديد من البيوت التى تجلس أمامها نساء فى مختلف سنوات العمر، تنشغل كل واحدة منهن بعمل منتج يباع للسائحين، أغطية رأس للشباب، عقود من الخرز، وما إن يستشعرن باقتراب مركب يحمل السائحين، حتى يسرعن بحمل ما صنعن والوقوف أمام الشاطئ، يحاولن إقناع السائحين بشراء بضاعتهن.
«العديد من الأفلام السينمائية يتم تصويرها فى غرب سهيل»، «فيلم (مافيا) الذى قام ببطولته الفنان أحمد السقا ومنى زكى، تم تصويره هنا، وكذلك فيلم (إنت عمرى)، الذى قام ببطولته هانى سلامة ونيللى كريم، فسحر المكان هنا لا يقاوم».
عندما تزور منطقة غرب سهيل، التى يعيش بها بعض من أهل النوبة، تعرف سبب تعاسة النوبيين فى قرى التهجير، التى قد تكون منازلها وطرقها، أفضل حالاً من نظيرتها فى غرب سهيل، السبب هو ذلك الخالد الذى يسرق العقول والقلوب معاً منذ آلاف السنين، فمن زار أسوان يعرف أن النيل هناك، غير النيل فى القاهرة والدلتا، لا فى لون المياه، ولكن فى هيئته التى تشعرك، وهى تعبر بين شاطئيه والصخور الجرانيتية، أنه بالفعل النهر الخالد، الذى يمنح القاطن على ضفافه، حتى ولو كان فى عشه من البوص، الراحة والسكينة.
فالنيل لدى النوبى، ليس مجرد مجرى مائى، بل هو شريان حياة يمر فى قلوب النوبيين، مذكراً إياهم بماضيهم، وراسماً حاضرهم، ومزوداً خيالهم بكل ما هو خصب.
النوبى شخصية عشقت منذ وجودها السفر والتنقل، سعياً وراء الرزق، ولكنه لم يعشق الغياب الطويل عن الأحبة والأهل، ولذا كان النيل بالنسبة إليه شبكة المواصلات، التى توفر له الانتقال عبر مراكبها الشراعية، من الجنوب للشمال، وبين قرى النوبة المزروعة على شاطئ النيل لمسافة تقترب من نحو ٣٥٠ كيلو متراً، وتكون العودة بعد الغربة والسفر، مرة أخرى للجنوب محملاً بالصناديق والكراتين المملوءة للأحبة بالهدايا والملابس، والشاى والسكر، والمواد الغذائية.
«البوستة» هو الاسم الذى أطلقه النوبى على المراكب التى تجوب النيل بين القرى المختلفة، تأتى مطلقة «صفارة» الوصول، فتقف على شاطئ كل قرية تنتظر من يركب بها، وسط وداع محبيه ودموعهم، ومن يترجل منها منطلقاً إلى أحضان الأحبة المستقبلين له.
كانت رحلة البوستة من الشلال فى أسوان، وحتى دنقلة فى السودان، تمر عبر ثلاث محطات، المحطة الأولى هى منطقة «الكنوز»، ثم محطة «العرب»، ثم محطة «الفديكات»، التى تتصل بدنقلة بالسودان. ومع ما منحه إياه من مياه يشربها، ويزرع منها، ويتنقل عليها، وأرض يسكنها، كانت تلك العلاقة بين النوبى ونيله، الذى تغنى به غناء العاشق.
ينتظرون مراكب السائحين تأتى إليهم عبر النهر محملةً بالرزق، فيهرعون إليها نساءً، وأطفالاً، ورجالاً، يبيعون لهم ما لديهم من منتجات، ذاعت شهرتها فى العالم عبر السياحة، ويمنحونهم فرصة للتمتع بأجواء نوبية طالما كثر الحديث عنها.
ويفرحون بزيارة قد تحمل تصوير فيلم مثل «مافيا» ليشاهدهم المصريون الذين لا يعرفون عنهم شيئاً، سوى أنهم من فصيلة «بكار» تلك الشخصية الكرتونية الشهيرة، أو زيارة فريق برنامج تليفزيونى، مثل «البيت بيتك» يمنحهم مقدمه الشهير، محمود سعد، فرصة استعراض ما لديهم، خلال فترة وجيزة، تظل بالنسبة لهم، ذكرى يفتخرون بها ويتحدثون عنها لمن يأتى لزيارتهم مرة أخرى.
هؤلاء هم سكان النوبة فى منطقة «غرب سهيل» التى تقع على بعد كيلومترات قليلة، يمين خزان أسوان، ويعرفون بين أهل النوبة بأنهم من «الكنوز» أو «الماتوكيين» الذين لا يختلفون كثيراً عن بقية أهل النوبة من «الفاجيكة»، إلا فى بعض تفاصيل اللغة النوبية.
الوصول إلى غرب سهيل، ليس بالأمر الصعب، فهى على بعد دقائق من قلب أسوان، يصعد بك الطريق بعد الدوران يمين خزان أسوان فى طريق غير ممهد، تحفه من الجانبين منازل نوبية بسيطة التفاصيل، مختلفة المساحة، تم بناء أغلبها بالطين، ورُشت حيطانها بالجير الأبيض، المزين برسومات، ونقوش نوبية، وما بين المسافات بين المنازل، تتبدى لك صورة النيل فى منظر بديع، ويصل إلى أذنيك وأنت تتابع رحلتك صوت الموسيقى النوبية هادئاً كهدوء البيئة المحيطة بك، شجياً كنظرات أهلها الممزوجة بحزن لا تفهم سببه.
بنيت البيوت فى غرب سهيل، على تل مرتفع عن شاطئ النيل بنحو ١٠ أمتار، ليكون الصعود من الشاطئ إلى الأرض عبر سلالم صخرية حًُفرت فى تكوين التل الطينى، وبأعلى التل تختلط المنازل بمحال بيع الهدايا التذكارية والتحف النوبية، والمنتجات التى تشتهر بها أسوان، كالفول السودانى المحمص على أشعة الشمس، والكركديه، والحناء.
ليس هذا فحسب ولكنك ستجد بعض البيوت انشطرت نصفين من الداخل، جزء منها تم إعداده كمكان لاستقبال السائحين بعد تزويده بالزخارف والمنتجات النوبية، مع توفير مكان لجلوسهم على هيئة المجالس فى البيوت النوبية.
ويقدم للسائحين فى تلك البيوت ما يتمنون الحصول عليه من شيشة، ومشروبات محلية وبعض العصائر، ليكون مقهى بالمعنى الكامل للكلمة، بينما يبقى الجزء الثانى من تلك المنازل، سكناً لأصحابها يعيشون فيه.
«العديد من الأفلام السينمائية يتم تصويرها فى غرب سهيل»، «فيلم (مافيا) الذى قام ببطولته الفنان أحمد السقا ومنى زكى، تم تصويره هنا، وكذلك فيلم (إنت عمرى)، الذى قام ببطولته هانى سلامة ونيللى كريم، فسحر المكان هنا لا يقاوم».
عندما تزور منطقة غرب سهيل، التى يعيش بها بعض من أهل النوبة، تعرف سبب تعاسة النوبيين فى قرى التهجير، التى قد تكون منازلها وطرقها، أفضل حالاً من نظيرتها فى غرب سهيل، السبب هو ذلك الخالد الذى يسرق العقول والقلوب معاً منذ آلاف السنين، فمن زار أسوان يعرف أن النيل هناك، غير النيل فى القاهرة والدلتا، لا فى لون المياه، ولكن فى هيئته التى تشعرك، وهى تعبر بين شاطئيه والصخور الجرانيتية، أنه بالفعل النهر الخالد، الذى يمنح القاطن على ضفافه، حتى ولو كان فى عشه من البوص، الراحة والسكينة.
فالنيل لدى النوبى، ليس مجرد مجرى مائى، بل هو شريان حياة يمر فى قلوب النوبيين، مذكراً إياهم بماضيهم، وراسماً حاضرهم، ومزوداً خيالهم بكل ما هو خصب.
النوبى شخصية عشقت منذ وجودها السفر والتنقل، سعياً وراء الرزق، ولكنه لم يعشق الغياب الطويل عن الأحبة والأهل، ولذا كان النيل بالنسبة إليه شبكة المواصلات، التى توفر له الانتقال عبر مراكبها الشراعية، من الجنوب للشمال، وبين قرى النوبة المزروعة على شاطئ النيل لمسافة تقترب من نحو ٣٥٠ كيلو متراً، وتكون العودة بعد الغربة والسفر، مرة أخرى للجنوب محملاً بالصناديق والكراتين المملوءة للأحبة بالهدايا والملابس، والشاى والسكر، والمواد الغذائية.
«البوستة» هو الاسم الذى أطلقه النوبى على المراكب التى تجوب النيل بين القرى المختلفة، تأتى مطلقة «صفارة» الوصول، فتقف على شاطئ كل قرية تنتظر من يركب بها، وسط وداع محبيه ودموعهم، ومن يترجل منها منطلقاً إلى أحضان الأحبة المستقبلين له.
كانت رحلة البوستة من الشلال فى أسوان، وحتى دنقلة فى السودان، تمر عبر ثلاث محطات، المحطة الأولى هى منطقة «الكنوز»، ثم محطة «العرب»، ثم محطة «الفديكات»، التى تتصل بدنقلة بالسودان. ومع ما منحه إياه من مياه يشربها، ويزرع منها، ويتنقل عليها، وأرض يسكنها، كانت تلك العلاقة بين النوبى ونيله، الذى تغنى به غناء العاشق.
0 التعليقات:
إرسال تعليق