الجمعة، 23 يناير 2015
5:38 ص

محطات في حكم الملك عبد الله


رحل الملك السعودي «عبد الله بن عبد العزيز»، عن تسعين سنة تقريبا (عمره غير معروف بشكل محدد)، بعد أن قضى في سدة الحكم أقل من عشر سنين. حيث تولى الحكم بعد وفاة أخيه الملك «فهد» في أغسطس/آب 2005، إلا أنه كان يدير شؤون المملكة بحكم الأمر الواقع منذ عام 1995، بعد معاناة فهد مع مشاكل صحية.

وبعد خضوعه لعدة عمليات جراحية خلال السنوات الأخيرة، قلل الملك «عبد الله» من ظهوره في المناسبات العامة، وكان يمثله ولي العهد الأمير «سلمان»، البالغ من العمر 77 سنة، والذي تمت مبايعته ملكا.

والمملكة، التي تحتضن على أرضها الحرمين الشريفين، انضمت خلال عهد «عبد الله» إلى التحالف الدولي ضد تنظيم «الدولة الإسلامية» وشاركت في الضربات الجوية ضده في سوريا والعراق. وحذر الملك «عبد الله» الغرب بشدة من خطر المتطرفين إذا لم يتم اتخاذ تدابير حازمة ضدهم، معتبرا أن خطر هؤلاء قد يصل إلى أوروبا وأمريكا في غضون أشهر.

وفي نفس الوقت، وضعت المملكة في عهد «عبد الله» ثقلها من أجل حماية حصتها من سوق النفط في مواجهة تنامي إنتاج النفط الصخري في أمريكا الشمالية. وتحت تأثير المملكة، امتنعت منظمة الدول المصدرة للنفط عن اتخاذ قرار بخفض مستويات الإنتاج بالرغم من انخفاض الأسعار.

إصلاحات حذرة
وعلى الساحة الداخلية، قاد الملك «عبد الله» مشروعا إصلاحيا حذرا، إذ حاول التوفيق بين جناح ليبرالي متعطش للتطوير والمؤسسة الدينية البالغة النفوذ في المملكة المحافظة جدا.

وفي 2005، نظم الملك أول انتخابات بلدية جزئية ومنح المرأة الحق في التصويت خلال العملية الانتخابية المقبلة في 2015، ولكن المملكة ما زالت تحظر على النساء قيادة السيارات. وخفف الملك «عبد الله» أيضا من سطوة رجال الهيئة (الشرطة الدينية) وأدخل إصلاحات إلى قطاع التربية، كما افتتح في 2009 جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست)، وهي أول جامعة مختلطة في المملكة.



مواجهة الربيع العربي
وواجه الملك «عبد الله» بحزن رياح الربيع العربي في 2011. واستخدم العاهل السعودي الراحل الثورة الضخمة لبلاده من أجل اتخاذ تدابير ترضي المواطنين، وخصص 36 مليار دولار من أجل خلق الوظائف وبناء الوحدات السكنية ولمساعدة العاطلين عن العمل. وبالرغم من انخفاض أسعار النفط في النصف الثاني من 2014، أمر الملك «عبد الله» بالإبقاء على مستويات إنفاق مرتفعة في ميزانية العام 2015، وذلك خصوصا للحفاظ على السلم الاجتماعي، في بلد تبلغ فيه معدلات البطالة بين الشباب مستويات مرتفعة، وتفاوت كبير في توزيع الثروة.

والملك «عبد الله»، الذي عرف بدفاعه عن النظام العربي القائم، استقبل على أرض المملكة الرئيس التونسي المخلوع «زين العابدين بن علي»، ولم يرحب بإسقاط الرئيس المصري المخلوع  «حسني مبارك». ودعم السلطات البحرينية بقوات درع الخليج لقمع تظاهرات الشيعة.

دعم الملك عبد الله بقوة الانقلاب العسكري الذي قاده الرئيس المصري الحالي «عبد الفتاح السيسي» على الرئيس المنتخب «محمد مرسي» في تموز/يوليو 2013. كما اعتبرت المملكة جماعة الإخوان المسلمين، التي ينتمي إليها «مرسي»، ”منظمة إرهابية“.

ارتباك إقليمي
على المستوى الإقليمي، أطلق الملك «عبد الله» مبادرة السلام العربية مع إسرائيل، وهي المبادرة التي رفضتها الدولة العبرية. كما حاول الملك «عبد الله» باستمرار مواجهة تمدد النفوذ الإيراني. وأظهرت تسريبات موقع ويكيليكس أن الملك «عبد الله» كان حازما في موقفه من إيران. وبحسب التسريبات، دعا الملك «عبد الله» الولايات المتحدة في إطار كلامه عن إيران إلى ”قطع رأس الأفعى“ للقضاء على المشروع النووي الإيراني.

وبالرغم من التحالف القوي مع الولايات المتحدة، وجه الملك الراحل انتقادات لاذعة إلى واشنطن لاسيما عندما أشار إلى ”الاحتلال غير الشرعي“ للعراق من قبل القوات الأمريكية. والملك «عبد الله» الذي ولد في الرياض، هو الابن الثالث عشر للملك «عبد العزيز»، مؤسس المملكة. وكان «عبد الله» قريبا من القبائل التي كانت المصدر الرئيسي لعناصر الحرس الوطني الذي قاده طول عقود قبل أن يسلمه إلى نجله الأمير «متعب».

ومن المفارقات أن يرحل الملك «عبد الله» في اليوم الذي قدم فيه الرئيس اليمني «عبدربه منصور هادي» استقالته، التي جاءت كإعلان ختامي لهيمنة الحوثيين - الموالين لإيران - على اليمن، وانهيار المرحلة الانتقالية التي رعتها السعودية بصورة أساسية. وهو ما يزيد التحديات أمام العاهل السعودي الجديد الذي يتسلم الحكم وسط معادلة إقليمية شديدة التعقيد والحساسية؛ في ظل تنامي النفوذ الإيراني في شمال وجنوب المملكة، وتقارب طهران وواشنطن، فضلا عن معاداة المملكة لغالبية التيارات الإسلامية المعتدلة التي طالما كانت حليفا شعبيا لها.


المصدر | كلمتي - الخليج الجديد + أ.ف.ب // DW العربية

0 التعليقات:

إرسال تعليق